الليثيوم لم يعد مجرّد عنصر كيميائي، بل أصبح محورًا رئيسيًا في ثورة الطاقة النظيفة. من البطاريات الصغيرة في أجهزتنا الذكية إلى محطات الطاقة المتنقّلة، هذا المعدن الخفيف يُحدث تحوّلًا كبيرًا. في هذا المقال، سنتعرّف على الليثيوم كمعدن واستخداماته ومدى تأثيره على التحوّل نحو الطاقة المتجدّدة، مع التركيز على الجهود المبذولة في المملكة العربية السعودية لاستخدام الليثيوم في رؤيتها المستقبلية.
ما هو الليثيوم؟ ولماذا هو مهم؟
الليثيوم هو معدن يتمّ استخراجه من الطبيعة إمّا من الأحواض المالحة المغلقة تحت الأرض، أو من الصخور الصلبة. أمّا إذا تساءلنا أين يوجد الليثيوم، فإنّ أمريكا الجنوبية أكبر احتياطي في العالم. هذا المعدن هو أخفّ المعادن ويأتي بلون فضّي مائل للرمادي. ينتمي الليثيوم إلى مجموعة المعادن القلوية، ويعني ذلك امتلاكه لخاصّية التفاعل العالي مع الماء، إضافة إلى خاصّية اللّيونة حيث يمكن قطعه بسهولة. يتميّز عنصر الليثيوم أيضًا بخاصّية التأكسد بسرعة عند تعرّضه للهواء، كما يشتعل بسرعة عند تعريضه للأوكسجين النقي.
ولأنّ الليثيوم معدن خفيف بكتلة ذرّية منخفضة، فهو يمتلك خصائص كهروكيميائية عالية تسمح له بتخزين الشحنات الكهربائية وتفريغها في عدّة دورات بكفاءة، إضافة إلى التفاعل الكهربائي مع مواد أخرى لتوليد وتخزين الطاقة. وهذه الخصائص تمامًا هي ما تجعل الليثيوم خيارًا ممتازًا لصنع البطاريات القابلة لإعادة الشحن والّتي تقوم بمهمّتها لمدّة طويلة قبل أن تفقد قدرتها على تخزين الطاقة.
وحينما نتحدّث عن هذه البطّاريات، فيمكننا بسهولة أن نفكّر في استخداماتها في الصناعات الحديثة، إذ تتواجد في السيّارات الكهربائية والهواتف والأجهزة الطبّية. فالسيّارات الكهربائية تحتاج إلى عمر بطاريات الليثيوم الطويل وإلى وقت الشحن السريع، وكذلك هو الحال مع الأجهزة الطبية الّتي يكون فيه عمر البطارية وأداؤها المستقر عاملين مهمّين بسبب استخداماتها الحسّاسة.
الليثيوم والطاقة المتجددة: علاقة تكاملية

لطالما كانت هناك الكثير من الجهود للتحوّل من الوقود الأحفوري إلى الطاقات المتجدّدة، وكانت إحدى أهمّ العقبات أمام هذه الجهود عدم القدرة على تخزين الطاقة واستخدامها بشكل منتظم ومستقر، ولهذا فإنّ ظهور بطاريات اللّيثيوم كان له أثر كبير في نموّ مشاريع الطاقة المتجدّدة. فكما نعلم، الشمس لا تشرق دائمًا، بل وهناك مناطق تكون فيها الشمس مختفية وراء الغيوم طوال اليوم في فصل الشتاء، كما أنّ الريح بدورها لا تهبّ دائمًا. ولأجل هذا، لم يكن من السهل الاعتماد بشكل تام على الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح لأنّها غير مستقرّة.
لكن من خلال ظهور بطاريات الليثيوم وقدرتها العالية على تخزين الطاقة وتفريغها وقت الحاجة، فقد تغيّرت المعادلة وأصبحت فكرة التحوّل الكامل من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجدّدة فكرة قابلة للتطبيق في المستقبل. هناك حاليًا العديد من المشاريع الّتي بدأت بالفعل باستخدام بطاريات الليثيوم للتخلّي عن الوقود في مختلف أنحاء العالم، أشهرها السيّارات الكهربائية وشبكات الكهرباء الّتي تعمل جنبا إلى جنب مع محطّات الكهرباء التقليدية لدعمها.
السعودية ومستقبل الليثيوم: فرصة اقتصادية وتقنية
دفع الاهتمام باستخدام بطاريات الليثيوم للتقليل من الاعتماد على الوقود في السعودية إلى انطلاق مشاريع واعدة لاستخراج الليثيوم، فهذا لا يفيد المملكة فقط في المساعدة على التحوّل إلى الطاقة النظيفة، بل يجعلها أحد روّاد الاقتصاد العالمي المتوجّه نحو الطاقة النظيفة المستدامة. وضمن هذه المشاريع، فقد استطاعت شركة معادن في سنة 2024 استخراج الليثيوم من مياه البحر في تجربة ناجحة. بينما في 2025، أعلنت شركة أرامكو بالتعاون مع شركة معادن عن اتّفاق لاستخراج الليثيوم من الرواسب عالية التركيز باستخدام تقنية الاستخراج المباشر، حيث من المتوقّع أن يبدأ الاستخدام التجاري لليثيوم في عام 2027.
تأتي مثل هذه المشاريع ضمن رؤية السعودية 2030، فعدا عن استخراج الليثيوم، هناك بالفعل مشاريع من أجل تخزين الطاقة باستخدام بطاريات الليثيوم. ومن أكبر المشاريع في هذا المجال، مشروع تخزين الطاقة في بيشة، وهو مشروع يستخدم بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد، وهو أحد أكبر المشاريع في الشرق الأوسط وإفريقيا بالشراكة مع شركة BYD الصينية، والّذي يعزّز رؤية المملكة 2030 الّتي تهدف إلى أن تكون نسبة الطاقة المتجدّدة 50 بالمئة من مصادر الطاقة بحلول عام 2030.
وإضافة لهذا، هناك بالفعل خطط لتخزين الطاقة باستخدام بطاريات الليثيوم في السعودية، حيث تسعى المملكة للوصول إلى قدرة تخزين تبلغ 48 جيغاوات ساعة بحلول عام 2030. وعدا عن ذلك، هناك عدّة شراكات تسير نحو صناعة البطاريات، فقد بدأت شركة MANAT السعودية بالعمل مع شركة Hithium الصينية لتجميع أنظمة تخزين الطاقة، كما قامت شراكة بين الشركة الأسترالية European Lithium والشركة السعودية Obeikan Group لصناعة هيدروكسيد الليثيوم.
أين يظهر الليثيوم في حياتنا اليومية؟
ربّما من لم يدقّق في الأمر كثيرًا لم ينتبه لهذه الحقيقة، لكنّ بطاريات الليثيوم موجودة في معظم استخداماتنا اليومية، فتقريبًا تعتمد جميع الهواتف والحواسيب المحمولة على بطاريات الليثيوم، ولا ننسى الساعات الذكية والسمّاعات. وفي استعمالات أكبر، فإنّ تكنولوجيا السيّارات الكهربائية بدورها تجد في بطاريات الليثيوم حلًّا ممتازًا، فأشهر العلامات مثل تسلا تستخدم الليثيوم في سيّاراتها.
ويمكننا أن نجد استخدامات الليثيوم أيضًا حينما نبتعد عن المنزل، فدائمًا ما نقوم بحمل محطّة الطاقة المحمولة، وذلك إمّا لشحن هواتفنا أو للحصول على الكهرباء لعدّة استخدامات، خاصّة خلال التخييم أو السفر. وقد أصبحت هذه المحطّات مشهورة وكثيرة الاستخدام لما تقدّمه من تسهيلات، وهناك عدّة علامات بارزة في هذا المجال منها علامة BLUETTI، والّتي تصنّع محطّات طاقة محمولة تدوم طويلًا وتدعم الشحن عن طريق الألواح الشمسية.
بطاريات الليثيوم والتخييم في السعودية: الحل الأمثل للطاقة المحمولة
التخييم في السعودية ليس نشاطًا ترفيهيًا فقط، بل هو عادة متجذّرة ثقافيًا، ولهذا فهو نشاط رائج بين الشباب والعائلات للاستمتاع بليالي هادئة ومنعشة. ولأنّ المملكة تتميّز بارتفاع درجات الحرارة وبالصحراء الساحرة، فإنّ التخييم يحتاج إلى الاستعداد، ولا يمكن الاستعداد دون محطّات الطاقة المحمولة الّتي تعمل بالليثيوم.

فلأنّ بطاريات الليثيوم تتميّز بخفّة الوزن وتتحمّل درجات الحرارة العالية، يكون استخدامها في التخييم في الصحراء حلًّا مثاليًا لتشغيل الهاتف والحاسوب والثلاجة والأنوار وغيرها من الاحتياجات، كلّ ذلك بطاقة نظيفة ودون ضجيج. وهذه الخصائص، إضافة إلى كونها آمنة من الحرائق أو الانفجار، تجعلها خيارًا أفضل من مولّدات الوقود الّتي تحتاج إلى الوقود والصيانة، عدا عن بعض الأخطار المحتملة كتسرّب غازات سامة أو الانفجار.

حينما يتعلّق الأمر بمحطّات الطاقة المحمولة، فهناك أنواع كثيرة مناسبة لمختلف الاستعمالات. وبما أنّنا نتحدّث عن التخييم في السعودية، فإنّ أفضل المحطّات المناسبة هي BLUETTI AC2A وBLUETTI AC70. فهذان الطرازان من محطّات الطاقة المحمولة مشهوران للتخييم خاصّة، حيث يتميّز AC2A بخفّة وزنه ومناسبته للاستخدامات الخفيفة مثل الحاسوب والهاتف، بينما يمنح AC70 مدّة تشغيل أطول ويناسب الثلّاجات والمطابخ المحمولة.
الخاتمة: مستقبل الطاقة يبدأ من عناصر ذكية
جعل الليثيوم من هدف التحوّل نحو الطاقة المتجدّدة هدفًا أكثر قابلية للتطبيق، فسواء تعلّق الأمر بالسيّارات أو محطّات الطاقة المحمولة أو محطّات الكهرباء، هناك حتمًا فرصة للتقليل من الاعتماد على الوقود في مختلف الاستخدامات. الليثيوم ليس فقط معدناً، بل بوّابة نحو طاقة أنظف وأكثر ذكاءً. وفي ظلّ رؤية السعودية 2030، والاستثمار في الطاقة المتجددة والتقنيات المستدامة، سيكون للليثيوم دور ريادي في كل بيت وكل رحلة وكل محطّة كهرباء.
الأسئلة الشائعة
ما هي بطارية الليثيوم؟
بطّارية الليثيوم هي بطّارية قابلة لإعادة الشحن تستفيد من معدن اللّيثيوم الّذي يملك قابلية تخزين الطاقة وتفريغها، وهي أكثر البطاريات القابلة لإعادة الشحن شيوعًا.
هل بطاريات الليثيوم آمنة في الأجواء الحارة؟
بطّاريات الليثيوم آمنة في الأجواء الحارة، لكن مع مراعاة عدم تجاوز الحرارة 60 درجة مئوية لأنّها قد تؤدّي إلى تلف البطّارية وإلى مخاطر كاشتعال النار فيها. ولهذا من الأفضل ضمان ألّا تعمل البطارية في درجة حرارة تتجاوز 45 درجة مئوية بشكل متكرّر للحفاظ على أدائها على المدى الطويل، ويمكن فعل ذلك من خلال الحرص على عدم تعريضها لأشعة الشمس المباشرة لفترة طويلة. من الجدير بالذكر أيضًا بأنّ بعض الشركات مثل BLUETTI تصنع بطّاريات مزوّدة بحسّاسات حرارية لإيقاف عمل البطارية إذا ما ارتفعت الحرارة.
هل يمكن استخدام بطاريات الليثيوم مع الألواح الشمسية؟
أجل، يمكن استخدام بطاريات الليثيوم مع الألواح الشمسية، وهو أحد استخداماتها الشهيرة بالفعل. إذ يمكن أن تقوم الألواح الشمسية بجمع الطاقة ونقلها إلى البطارية عن طريق منظم الشحن الشمسي.