مع ارتفاع الطلب على الطاقة في مختلف أنحاء العالم، لم يعد النفط الخيار الوحيد لتوليد الطاقة لعدّة أسباب تتمثّل إمّا في صعوبة الحصول عليه أو الخوف من استهلاك مخزونه، إضافة إلى الانبعاثات السامّة الّتي ينتجها والّتي تؤثّر سلبًا على البيئة والمناخ. ومع تطوّر التكنولوجيا المستمرّ والحاجة المستمرّة إلى الكهرباء، فقد جاءت محطّة الطاقة النووية كحلّ واعد لتحقيق أمن الطاقة دون الحاجة للنفط.
في هذا المقال، سنتحدّث أكثر عن الطاقة النووية وطريقة عملها ولماذا بدأت الدول بالاعتماد عليها، كما سنتطرّق إلى إيجابياتها ومخاطرها وموضعها أمام الطاقات المتجدّدة الّتي بدأت تشهد ازدهارًا في دول مختلفة في السنوات الأخيرة.
ما هي محطّة الطاقة النووية وكيف تعمل؟

تشبه طريقة عمل محطّة الطاقة النووية عمل محطّات الكهرباء العادية الّتي تعمل بالوقود نوعًا ما، فالفرق هو طريقة تشغيل التوربين الّذي يقوم بتشغيل المولّد الكهربائي. تتكوّن محطّة الطاقة النووية من أربعة مكوّنات أساسية هي المفاعل النووي والتوربين والمولّد الكهربائي ونظام التبريد، والعنصران المهمّان لتشغيل التوربين هما الوقود النووي والماء. ولشرح مفصّل عن طريقة عمل محطّة الطاقة النووية، لنشرح ما يحدث في كلّ مكوّن من مكوّناتها.
المفاعل النووي: هنا تحدث عمليتان، فهنا يوجد الوقود النووي وهو اليورانيوم غالبًا مجمّع في أعمدة طويلة، حيث يتمّ الانشطار النووي في قلب المفاعل وهو ما يولّد حرارة عالية. حول الأعمدة، يوجد الماء الّذي يملأ قلب المفاعل والّذي يتعرّض لتلك الحرارة الشديدة فيبدأ بالغليان والتحوّل إلى بخار.
التوربينات: البخار الناتج عن الماء المغلي في قلب المفاعل يتمّ إرساله إلى توربينات ضخمة لتدويرها.
المولّد الكهربائي: يتّصل المولّد الكهربائي بالتوربين، وتؤدّي حركة التوربين إلى إنتاج تيّار كهربائي في المولّد الكهربائي، وهو ما يتمّ توزيعه عن طريق شبكة الكهرباء.
نظام التبريد: يقوم هذا النظام بتبريد البخار بعد مروره في التوربين، ثمّ تحويله إلى ماء مرّة أخرى، ويُعاد ضخّ هذا الماء إلى قلب المفاعل وتبدأ دورة العمل من جديد.
من الجدير بالذكر بأنّ طريقة تشغيل المحطّة النووية باستخدام مفاعلات الماء المغلي (BWR) هي الطريقة الشائعة في أغلب محطّات الطاقة النووية لأنّها أبسط. لكن بالمقابل، هناك طريقة أكثر أمانًا وهي مفاعلات الماء المضغوط (PWR)، حيث تقوم هذه المفاعلات بتحويل الماء إلى بخار في دائرة مغلقة وليس داخل قلب المفاعل، وهي نظام معقّد لكنّه أكثر أمانًا.
فوائد إنشاء محطّة طاقة نووية
إنشاء محطّة طاقة نووية هو خيار ممتاز للكثير من الدول لما تملكه هذه المحطّات من مزايا جعلتها حلًّا واعدًا لأزمة الطاقة ولتلبية الطلب المتزايد. إليك شرحًا مفصّلًا لمزايا محطّة الطاقة النووية.
كفاءة الطاقة النووية العالية
ربّما يمكننا القول بأنّ كفاءة الطاقة النووية هي أهمّ ما يجذب الأنظار إليها. إذ يمكن لكمّية صغيرة من اليورانيوم توليد طاقة حرارية كبيرة. وإذا أردنا ترجمة هذه الميزة إلى أرقام، فإنّ قدرة المفاعل النووي المعتادة هي 1000 ميغاواط، ويمكن إنتاجها سنويًا من خلال حوالي 27 طن من اليورانيوم المخصّب. في المقابل، تحتاج محطّة تعمل بالنفط إلى حوالي مليوني برميل نفط للعمل بنفس الطاقة سنويًا، وهو رقم كبير جدًّا يظهر الكفاءة العالية للوقود النووي مقابل الوقود الأحفوري.
التوجّه نحو استقلالية الطاقة
إنتاج الكهرباء باستخدام النفط يعني مواصلة شراء النفط من الدّول الّتي تملك موارد طبيعية منه، وهي عملية مكلّفة بالنّسبة للدّول الّتي لا تمتلك الوقود الأحفوري وتؤدّي إلى الاعتماد على تلك الدول بشكل دائم والخوف من فقدان عمليات التوريد، وهو تمامًا ما يمنع تحقيق استقلالية الطاقة. وعلى عكس ذلك، يسمح استخدام محطّة طاقة نووية بتحقيق استقلالية الطاقة بالنّسبة للدول الّتي لا تملك النفط، إذ يسمح امتلاك اليورانيوم وتشغيل المحطّة بتوليد الكهرباء بكفاءة عالية، ما يجعله مصدر طاقة شبه دائم.
تقليل انبعاثات الكربون
يساهم إنشاء محطّة طاقة نووية في التقليل من استخدام النفط لإنتاج الكهرباء، وهو ما يؤدّي إلى تقليل انبعاثات الكربون لأنّ الطاقة النووية تُعتبر طاقة نظيفة إلى حدّ ما ولا تنتج غازات سامة. لكن بالمقابل ورغم عدم إطلاق أيّ انبعاثات مؤذية، فإنّ الوقود النووي المستهلك خطير بسبب الإشعاعات، وليس سهلًا إدارة هذه المخلّفات لحماية الإنسان والبيئة من مخاطره.
تلبية متطلّبات الطاقة المتزايدة
تسمح الطاقة النووية بتلبية الحاجة المتزايدة من الطاقة. فلأنّها لا تعتمد على النفط ولا على حالة الطقس، مثل طاقة الشمس أو الرياح، ولأنّ كمّية قليلة من اليورانيوم تنتج الكثير من الطاقة، فقد وجدت الكثير من الدول في الطاقة النووية حلًّا لتلبية متطلّباتها المتزايدة من الطاقة وبتكلفة تشغيلية منخفضة على المدى الطويل مقارنة بالنفط.
مخاطر وتحدّيات الطاقة النووية
رغم كلّ المزايا الّتي تتمتّع بها الطاقة النووية، لا تزال تواجه إلى يومنا هذا العديد من التحدّيات ولها العديد من المخاطر أيضًا، ما يحدّ من فكرة تعويضها لمحطّات الطاقة الّتي تعمل بالنفط بشكل كامل.
مخاطر محطّات الطاقة النووية

تمثّل الإشعاعات النووية خطرًا كبيرًا على الإنسان والحيوان والبيئة، ولذلك يتمّ التعامل بحذر مع محطّات الطاقة النووية وإنشاء أنظمة أمان عالية للحماية من مخاطرها. لكن ورغم الحذر، فإنّ الخطأ وارد سواء كان الخطأ بشريًا أو تقنيًا أو كارثة طبيعية، وهو ما حدث مرّتين بالفعل من خلال محطّة تشيرنوبيل للطاقة النووية في عام 1986 ومحطّة فوكوشيما النووية الأولى لتوليد الطاقة عام 2011. وقد أدّت مثل تلك الحوادث إلى زيادة الإصابة بالسرطان وتهجير السكّان وتلويث البيئة، وهو تلويث يدوم لمدّة طويلة ما يجعل بلدة تشيرنوبيل خالية إلى يومنا هذا.
وعدا عن هذه المخاطر، فإنّ النفايات النووية تبقى مشعّة لآلاف السنوات ويجب التخلّص منها في أماكن آمنة تحت الأرض، ولا يوجد حتّى الآن طرق فعّالة للتخلّص منها. ولا ننسى أنظمة التبريد الّتي تعتمد على البحر أو الأنهار، والّتي تضخّ المياه الساخنة نحو البحر ما قد يضرّ بالبيئة المائية.
تحدّيات محطّات الطاقة النووية
لا تزال هناك الكثير من التحدّيات أمام إنشاء محطّة طاقة نووية رغم وجود العديد من المحطّات بالفعل في بعض الدول. فتكلفة إنشاء محطّة نووية هي تكلفة عالية، كما تحتاج إلى عدّة سنوات من العمل. وموقع المحطّة مهمّ أيضًا، فلأنّ الجميع يخافون من الإشعاعات النووية، فهناك دومًا رفض من السكّان لإنشاء مثل هذه المحطّات قريبًا منهم. وعدا عن هذه التحدّيات، فإنّ الخوف من إنتاج أسلحة نووية يجعل من المراقبة والقوانين عملية معقّدة لإنشاء محطّة طاقة نووية.
الطاقة المتجددة كحلّ بديل أو مكمّل
الطاقة النووية تُعتبر بالفعل حلًّا واعدًا لأزمة الطاقة وللتقليل من الاعتماد على النفط، لكن بسبب التحدّيات الّتي تواجهها وبسبب خطورتها، هناك حلول أخرى يمكن أن تساعد، وهي الطاقات المتجدّدة. هناك بالفعل مشاريع ضخمة في دول مختلفة تستخدم الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، لكن ولأنّ طاقة الشمس تختفي باختفاء الشمس، فقد ظهرت حلول لتخزين هذه الطاقة، ومن ضمن تلك الحلول محطّات الطاقة المحمولة.
فمثلًا محطّة الطاقة المحمولة BLUETTI AC180 من المحطّات الممتازة للاستخدام في المنزل أو خلال السفر أو التخييم أو خلال حالات الطوارئ. تعمل هذه المحطّة بقوّة 1800 واط، ولا يمكنها شحن الهواتف والحواسيب وتشغيل الأضواء فقط، بل تستطيع تشغيل الأجهزة الكبيرة وعالية الاستهلاك أيضًا، إذ يمكنها تشغيل الثلاجة لمدّة 7 ساعات، وآلة تحضير القهوة لمدّة 56 دقيقة.
تزن محطّة BLUETTI AC180 حوالي 17 كغ وبحجم صغير مناسب للحمل، كما يمكن شحنها من القابس أو السيّارة أو عن طريق الألواح الشمسية، حيث تصل إلى 500 واط خلال 3 ساعات فقط، ما يجعلك قادرًا على استخدامها خلال السفر دون الاعتماد على شبكة الكهرباء، وما يجعلها مصدر طاقة دائم وآمن، وذلك لعدم استخدامها لأيّ نوع من الوقود.

الخلاصة – هل الطاقة النووية هي المستقبل؟
تُعتبر الطاقة النووية حلًّا ممتازًا لأزمة الطاقة والتقليل من الاعتماد على النفط وتحقيق استقلالية الطاقة، لكنّها ليست الحلّ الوحيد، خاصّة مع التحدّيات الّتي تواجهها. ولهذا تأتي الطاقات المتجدّدة، مثل الطاقة الشمسية، كحلّ مكمّل يمكن الاعتماد عليه للحصول على استقلالية الطاقة مستقبلًا وللتقليل من انبعاثات الكربون والحفاظ على البيئة.
ومع حلول التخزين الذكيّة مثل محطّة الطاقة المحمولة من BLUETTI، لم يعد ضروريًا أن تحمل معك مولّدًا يعمل بالوقود خلال السفر، بل يكفي اقتناء محطّة طاقة محمولة وشحنها بالطاقة الشمسية، وستحصل على طاقة مستدامة يمكنك استخدامها أينما كنت.
الأسئلة الشائعة
ما هي محطّة الطاقة النووية؟
هي محطّة تقوم بإنتاج الكهرباء عن طريق الانشطار النووي لليورانيوم، إذ يولّد هذا الانشطار حرارة عالية تقوم بتبخير الماء، وهذا البخار يقوم بتدوير التوربين الّذي يولّد الكهرباء في المولّد الكهربائي.
ما هو الفرق بين الطاقة النووية والطاقة المتجدّدة؟
الطاقة النووية تنتج طاقة كبيرة من كمّية صغيرة من اليورانيوم، وهي طاقة نظيفة نسبيًا ومثيرة للجدل لأنّ مخلّفات اليورانيوم خطيرة. بينما في الطاقة المتجدّدة الّتي تعتمد على الشمس والرياح، لا توجد انبعاثات وهي طاقة نظيفة وآمنة، لكنّها غير دائمة وتحتاج إلى تخزين.