الطاقة الكهرومائية هي أحد مصادر الطاقة المتجدّدة الّتي تُستخدم بنجاح لإنتاج الكهرباء في دول كثيرة. تعني الطاقة الكهرومائية إنتاج الكهرباء من طاقة المياه، وهذا الماء يكون عادة في سدود كبيرة ويتمّ إعادة استخدامه، ما يجعلها طاقة متجدّدة ومستدامة ونظيفة. أمّا عن آلية عمل هذه الطاقة، فهي بسيطة تشبه مختلف أنواع آليات إنتاج الكهرباء. فالماء المتجمّع في السدّ يتمّ إطلاقه بقوّة كبيرة نحو توربينات ضخمة لتدويرها، وعند دوران هذه التوربينات وخلق طاقة ميكانيكية، فإنّ هذا الدوران يقوم بتدوير المولّد الكهربائي الّذي يقوم بإنتاج الكهرباء.
في هذا المقال، سنتحدّث أكثر عن ما هي الطاقة الكهرومائية والدّول الرائدة في هذا المجال، وعن إمكانيات استخدام هذه الطاقة في السعودية كأحد أنواع الطاقات المتجدّدة الّتي تسعى السعودية لتعزيزها لتقليل الاعتماد على النفط والتحوّل نحو الطاقات النظيفة.
إنتاج الطاقة الكهرومائية حول العالم

الطاقة الكهرومائية لقيت بالفعل اهتمامًا كبيرًا في السنوات الماضية وتمّ بناء الكثير من المشاريع الناجحة في مختلف أنحاء العالم. وكنتيجة لذلك، فإنّ الطاقة الكهرومائية تشكّل نسبة حوالي 14% من إنتاج الكهرباء في العالم، وهي نسبة تثبت الجهود المبذولة في هذه الطاقة النظيفة.
تحتلّ الصين المرتبة الأولى عالميًا في مجال الطاقة الكهرومائية من خلال أكبر سدّ وهو سدّ الممرّات الثلاثة بأكبر طاقة إنتاجية تصل إلى 22.5 جيغاواط، بينما تصل القدرة الإجمالية للطاقة الكهرومائية في البلاد إلى 436 جيغاواط. بعد الصين، تأتي دولة البرازيل من خلال سدّ إيتابيو الضخم بقدرة إنتاجية تصل إلى 14 جيغاواط، وقدرة إجمالية للطاقة الكهرومائية في البلاد تصل إلى 109 جيغاواط. وفي المرتبة الثالثة، تأتي دولة كندا من خلال سدّ روبرت بوراسا بقدرة إنتاج تصل إلى 5.6 جيغاواط، وقدرة إجمالية للطاقة الكهرومائية في البلاد تصل إلى 83 جيغاواط.
ورغم أنّ الصين تملك طاقة إنتاجية أكبر وسدودًا أكبر، إلّا أنّ نسبة إنتاج الكهرباء المعتمدة على الطاقة الكهرومائية فيها لا تتجاوز 14%. وعلى عكس ذلك، تصل هذه النسبة إلى 55% في البرازيل، وإلى 54% في كندا من إجمالي إنتاج الكهرباء في كلّ دولة. وتظهر هذه الأرقام كيف يمكن لدولة تملك ما يكفي من المياه والبيئة المناسبة أن تحصل على أكثر من نصف احتياجاتها من الكهرباء عن طريق طاقة المياه المتجدّدة.
بالنّسبة للدول العربية، فهناك بالفعل سدود لإنتاج الطاقة الكهرومائية لكن بطاقة إنتاجية منخفضة. فمصر لها بعض السدود مثل سدّ أسوان العالي بقدرة 2.1 جيغاواط حيث تصل الطاقة الكهرومائية الكلّية فيها إلى 2.7 جيغاواط. وفي العراق، يوجد سدّ الموصل بقدرة إنتاج تصل إلى 0.75 جيغاواط، إضافة إلى سدود أخرى لتصل القدرة الكاملة إلى 2.4 جيغاواط. دول أخرى أيضا مثل السودان وسوريا والمغرب تتجاوز فيها القدرة الإنتاجية 1.3 جيغاواط.
سلبيات وايجابيات الطاقة الكهرومائية
إيجابيات الطاقة الكهرومائية
الطاقة الكهرومائية هي طاقة واعدة لإنتاج الكهرباء يتمّ صرف الملايين عليها، وذلك لأنّها تملك مواصفات مميّزة لا يمكن الحصول عليها باستخدام الطاقات الأخرى، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
-
هي طاقة متجدّدة، وهذا يعني بأنّها تعتمد على الماء الطبيعي الموجود دائمًا ولا تحتاج إلى شراء مصدر للطاقة مثل الوقود.
-
تُعتبر طاقة نظيفة، فلا تخلّف أيّ انبعاثات كربونية مثل المحطّات الّتي تعمل بالنفط أو الغاز، وانبعاثاتها شبه منعدمة إلّا من غاز الميثان الّذي يقلّ مع السنوات.
-
تكلفتها التشغيلية منخفضة مقارنة بالوقود الّذي يجب مواصلة شرائه لضمان الإنتاج المستمرّ.
-
تُعتبر مصدرًا موثوقًا ومستقرًّا للطاقة يمكن التحكّم به حسب الحاجة للكهرباء.
-
تقدّم محطّات الطاقة الكهرومائية عمر تشغيل طويل مقارنة بمحطّات أخرى.
سلبيات الطاقة الكهرومائية

رغم ما تتمتّع به الطاقة الكهرومائية من إيجابيات ومميّزات، إلّا أنّ هناك بعض الحدود والعراقيل الّتي تجعلها تؤثّر سلبًا على الإنسان والطبيعية، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
-
يؤثّر بناء السدود على البيئة، حيث يغيّر مجرى الأنهار وقد يكون لهذا تأثير سلبي على الحيوانات والنباتات.
-
قد يحتاج بناء السدود إلى إخلاء منطقة كبيرة، ما يعني تهجيرًا قسريًا للسكّان من منازلهم.
-
تعتمد الطاقة الكهرومائية على الماء، لذلك قد يؤثّر الجفاف وتغيّر المناخ على مدى وفرة المياه.
-
تشكّل السدود خطرًا على الإنسان في حال حدوث خلل ما يؤدّي إلى انهيارها وحدوث كارثة.
-
قد يكون هناك انبعاثات قويّة لغاز الميثان نتيجة تحلّل النباتات المغمورة، خاصّة في المناطق الحارة والرطبة.
الطاقة الكهرومائية في السعودية: الواقع والآفاق
الطاقة الكهرومائية تحتاج إلى أنهار تمكّن من إقامة سدود كبيرة قادرة على تدوير التوربينات الضخمة لتوليد الكهرباء، وهو أمر يصعب تحقيقه في السعودية لأنّها منطقة جافة لا تملك أنهارًا جارية وسقوط الأمطار فيها موسمي وقليل، لذلك لا يساعد المناخ بشكل عام على صنع محطّة طاقة كهرومائية. هناك بالفعل سدود في السعودية، لكنّها صغيرة موجّهة لتخزين المياه ولا تناسب إنشاء محطّات كهرباء.
لكن بالمقابل، هناك بالفعل مشروع طاقة كهرومائية مشابه يسمّى التخزين الكهرومائي بالضخ على شكل ما يشبه بطاريات عملاقة، ويقع المشروع في منطقة نيوم. في هذه المحطّات، يتمّ ضخّ المياه لأعلى في فترات الفائض الكهربائي الناتج عن طاقة الرياح أو الشمس، ثمّ إطلاقها عند الحاجة لتوليد الكهرباء، مثل الفترة الليلية مثلًا عند غياب الشمس، وهو ما يعني استخدامًا كاملًا للطاقات المتجدّدة لتوليد الكهرباء. ومع أنّ المشروع لا يزال قيد التنفيذ، إلّا أنّه مشروع واعد يظهر مدى وعي صنّاع القرار في السعودية بأهمّية الطاقة الكهرومائية كطاقة متجدّدة.

الطاقة الكهرومائية كجزء من رؤية السعودية 2030
تسعى السعودية في رؤيتها لعام 2030 أن تصل إلى نسبة 50% من إنتاج الكهرباء الّذي يعتمد على الطاقات المتجدّدة، وهي نسبة تبذل المملكة جهودًا ضخمة لتحقيقها. وقد جاءت هذه الرؤية لأهمّية تقليل الاعتماد على الوقود الّذي لا يُعتبر فقط مصدرًا غير دائم للطاقة، بل هو مصدر يلوّث البيئة والمناخ. بالمقابل، توفّر الطاقات المتجدّدة مصدرًا متجدّدًا ومستدامًا ونظيفًا لإنتاج الكهرباء، ولهذا تسعى السعودية إلى استغلال الطاقات المتجدّدة، خاصّة الشمس، لإنشاء محطّات نظيفة.
ورغم أنّ الاعتماد على الشمس هو الأساس في السعودية لأنّه مصدر متوفّر بحكم مناخ البلد، فإنّ الطاقة الكهرومائية في السعودية لها دورها أيضًا في هذا التحوّل نحو الطاقات النظيفة، ولهذا هناك دراسات كمشروع نيوم الّذي هو قيد التنفيذ بالفعل لاستخدام الطاقة الكهرومائية والشمسية وطاقة الرياح معًا لإنتاج مستمرّ للكهرباء.
خاتمة – هل يمكن الاستثمار في الطاقة الكهرومائية في السعودية؟
قد لا يكون من الممكن إنشاء محطّات طاقة كهرومائية كبيرة في السعودية بسبب المناخ والتضاريس الّتي لا تسمح بذلك، لكن هناك طرق أخرى للاستفادة من طاقة المياه، وقد بدأت السعودية ببناء محطّات تعتمد على الطاقة الكهرومائية بالفعل ولا تزال قيد التشغيل.
وطالما أنّ طاقة المياه يمكن تجميعها في سدود ولو كانت صغيرة، فهناك دومًا إمكانية لاستخدامها حتّى حينما لا تكون مشروعًا كبيرًا. فيمكن استخدام توربينات صغيرة وتوليد الكهرباء الّذي يغذّي منزلًا أو مشروعًا معيّنًا، كما يمكن أيضًا ربطها بمحطّات الطاقة الاحتياطية مثل Bluetti، حيث يمكن شحن هذه المحطّات عن طريق الطاقة الكهرومائية، ثمّ استخدامها لتشغيل الأجهزة الكهربائية في المنزل. فالمياه لها طاقة كامنة يجب استثمارها بكلّ الطرق لأنّها تقدّم طاقة نظيفة متجدّدة، ولهذا يمكن العثور على حلول كثيرة مبتكرة لاستغلال هذه الطاقة سواء على مستوى الحكومة أو الأفراد.
الأسئلة الشائعة
ما هي الطاقة الكهرومائية؟
الطاقة الكهرومائية تعني تحويل طاقة المياه إلى كهرباء، ويتمّ ذلك من خلال قوّة تدفّق المياه الّتي تدفع التوربينات للدوران، وتلك الحركة الّتي تقوم بتدوير المولّد الكهربائي تؤدّي إلى توليد تيّار كهربائي ثمّ إنتاج الكهرباء من المولّد.
هل يوجد طاقة كهرومائية في السعودية؟
لا توجد حتّى الآن مشاريع لتوليد الكهرباء من الماء في السعودية بسبب المناخ الّذي لا يساعد، لكن هناك نوع من الطاقة الكهرومائية يسمّى الطاقة الكهرومائية بالضخّ، وهي بالفعل مشروع في طور التنفيذ يعتمد على المياه لإنتاج الكهرباء.
هل يمكن دمج الطاقة الكهرومائية مع محطّات الطاقة المحمولة Bluetti؟
الفكرة قابلة للتطبيق، فإذا ما تواجدت محطّة كهرومائية صغيرة لإنتاج الكهرباء بتدفّق مياه مستمرّ، فيمكن استخدامها لشحن محطّة Bluetti عن طريق منفذ المحطّة، وبهذا يمكن شحنها من خلال الطاقة الكهرومائية بنجاح دون الحاجة للاعتماد على شبكة الكهرباء لشحنها.